WELCOME TO WEB IKHWAN MAROC
 
Page d'accueil
chat
dardecha avec fadwa
Contact
rakeb wa faker
الألغــــــــاز
لغز,, وجائزه
الثقافة الجنسية
احوال الطقس حول العالم
قسم التعريفات لأجهزة الكمبيوتر
معظم للوحة
الصحف والمجلات العربية والاجنبية
القرآن الكريم
الدعاء
تفسير الاحلام
الطب البديل والاعشاب
نقشاً للأسم
أخبار منوعة حول العالم
أدخل تاريخ ميلادك
أعرف وزنك
التلاوات الخاشعة
ولك أن تعجب
إفرازات المرأة
صفة الصلاة
صفة الوضوء
صفة الحج
قسم فتاوى فقهية.
فتاوى نسائية رمضانية
هذه عقيدتك
فتاوى علماء
الفتاوى الشرعية
ايها المعاكس للفتيات
مواضيع اجتماعية
أدعــيــة - Ad'iyae
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها
  فيلم البنات لازم تتجوز - للكبار فقط
rokiaa
Love Meter
NOORSAMIR GROUP
Titre de la nouvelle page
 

ولك أن تعجب


خصوصيات طفل

 

طفل في الثالثة من عمره، فقدته أمه، أخذت تناديه، وتبحث عنه في أنحاء المنزل ولم تجده، عادت إلى غرفته مرة أخرى، ولمحت قدميه الصغيرتين تحت السرير تتحركان.
نادته ولم يجب، ربما يسمعها ولا يريد أن يجيب، وربما لم يسمعها، فألقت نظرة تحت السرير. فوجدته منسجماً مع ألعابه، ولم يشعر بها.
عادت إلى مطبخها، وأخذت تناديه، لمحته يجري مسرعاً نحو المطبخ ليأخذ فناجين القهوة الصغيرة، ويملؤها بالماء، التفتت إليه وقالت: ماذا لديك؟ ويجيب: عندي شغل.... شغل، ضحكت وقالت: وما هو؟ لم يجبها، بل أسرع بالماء، وأدخله تحت السرير.

تركته أمه، وبعد أن أنهت أعمالها عادت إليه، فإذا قدماه مترنحتان، هالها أمره، جذبته من تحت السرير، فإذا هو مستغرق في نومه، قد لطخت شفتيه ويديه الشيكولاتة.
حاولت إيقاظه، ليشرب كأس الماء، لكنه كان مستغرقاً في نومه، مسحت فمه ويديه الدافئتين بالماء وأصابعه الصغيرة وقبّلتهما، ثم وضعته في سريره، وله غطيط.
وقالت: كم أنت متعب اليوم يا بني! ليتني أعرف ما الذي يشغلك.
أدخلت رأسها تحت السرير لترى ما كان يشغله، فإذا هي وليمة دسمة من البسكويت وقطع الحلوى والبطاطس، والمدعوون شلة أسود وفيلة وتماسيح بلاستيكية إضافة إلى سيارته التي يحبها، كانت وجوههم ملطخة بالشيكولاتة، وكذلك مقدمة سيارته.
احتارت ماذا تفعل ببقايا البسكويت والأكل، هل تحملها أو تتركها إلى الصباح، حتى يرى الصغير أن لعبه لم تتناول الأكل، فاهتدت إلى رفعها، وفي الصباح تعيدها إلى مكانها؛ لأنها لا تعلم ماذا يريد أن يعرف حينما تركها مع الأكل.
وفي الصباح قبل استيقاظ ابنها أعادتها إلى مكانها، وكأن شيئاً لم يحدث لها، وتشاغلت عن ابنها، فإذا هو بعد تناول إفطاره يعود ليرى المدعوين تحت سريره، وقد انضمت إليهم نملة تتحرك يمنة ويسره فرحة بهذه الوليمة.
أثارت انتباهه تابعها فترة لكنها لم تشغله عن هدفه، أخذت أمه ترقبه خلسة والفضول يقتلها، فإذا هو قد علا صوته، في نقاش حاد وهو يعاتب ألعابه ويلومها على ترك الأكل، ويقارنها بالنملة التي تناولت فتات الحلوى، وزاد حنقه أنه لم يجد إجابة منها، فهي مكانها لم تتحرك ولم تجب.
تدخلت الأم حينما سمعت صوته، ماذا بك؟ ردّ عليها في أسف: إنها لا تتناول الحلوى التي أعطيتها، فقالت الأم: وهل كانت تتناول الحلوى في محل بيع اللعب؟ أجاب: إن البائع لا يطعمها، لذلك بقيت صغيرة، وأنا أطعمها لتكبر، ثم بكى، لكنها لن تكبر يا ماما لن تكبر، والأم تخفي ضحكة في داخلها، لكنها تشاطر ابنها مشاعره، وتقول: نعم لن تكبر.. لكنك تكبر، وأصحابك تكبرون، وكذلك قطة جارنا، والعصافير التي على الأشجار، ثم أكمل والفيل الذي رأيناه في حديقة الحيوان، والشجرة التي أمام منزلنا تكبر، والنملة التي تحت السرير تكبر.
صمت ثم تنهد وبردت دموعه لابتسامة علت محياه، وأخذ يتأمل وجه أمه وكفيه الصغيرتين على خديها، تأملها، ضحك وقال: وماما تكبر أيضاً، ثم علت ضحكاتهما وانتهى الدرس.
تلك أم واعية تترك الحرية لابنها ليتعلم، دون تدخل في تفاصيل طفولية، ودون استهتار، أو استخفاف بأفكاره، بل تشاركه همومه، واهتماماته، وأفراحه، وأحزانه حتى وإن كنا نرى أنها اهتمامات بسيطة، ولكن يُقدر لكل سن قدرها مع حفظ لحدود مملكته الخاصة، وعدم تدخل في خصوصياته وتعليمه احترام خصوصيات إخوته وأفراد أسرته حتى لا ينشأ مستبيحاً لممتلكات غيره أو متخاذلاً أمام من يتجاوز إلى ممتلكاته، فيتربى على معرفة الحدود وعدم تجاوز الخطوط إلا بإذن ورضا سبق، أو لأشخاص مخصوصين كالأم والأب مثلاً، فهذه الأم تتيح له أيضاً فرصة التعلم الذاتي، وتدلي بمشورتها ونصحها، عندما يحتاج ابنها ذلك، دون أمر منها، أو تدخل في تغافل، دون غفلة، أو سذاجة، وترقب لنموه ونمو شخصيته ومعلوماته.

 
أحبك مثل الدنيا كلها، والسماء، والبحر الكبير..
كانت تلك الكلمات هي إجابة الوالد على سؤال ولده "أحمد - خمس سنوات-" المتكرر: (أبي كم تحبني؟)، يرددها الأب الحنون وهو يفتح ذراعيه ليري "أحمد" مقدار اتساع حبه له، كاتساع الدنيا، والسماء، والبحر الكبير؛ فيسرع الصغير في نشوة سعادته ليغيب بين أحضان والده!
عزيزي المربي .. الغالبية من علماء التربية يجمعون على أنَّ إشعار الطفل بالحب من الأمور الهامة لتطور نمو الطفل وتنشئته بشكل سوي، فالأسرة التي ينعم أبناؤها بدفء الحب تتوفر فيها أسباب الوقاية من المشكلات النفسية واضطرابات النمو التي قد تصيب الأبناء في طفولتهم، كما أنّ ما يشعرون به من الراحة والسعادة من شأنه أن يقلل من ظهور تلك المشكلات، وإن وجدت فسيكونون هم الأسرع في التخلص منها.

منذ متى يحتاج الطفل إلى الحب؟؟
لا نبالغ إذا قلنا أن الطفل يحتاج إلى توصيل مشاعر الحب والفرح بقدومه وهو لا يزال جنينًا في بطن أمه، لذلك يعلمنا القرآن الكريم أدب البشارة بالحمل في أكثر من موضع، قال تعالى مبشرًا إبراهيم الخليل عليه السلام بإسحاق عليه السلام : {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} [هود: 69]، وقال تعالى في بشارة مريم بعيسى المسيح عليه السلام: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 45]، وقال تعالى مبشرًا زكريا عليه السلام بولده يحيى عليه السلام: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7].

واليوم يؤكد العلم الحديث على أهمية الحالة النفسية للأم الحامل ومدى تأثير تقبلها للحمل في حالة الجنين النفسية الطفل، فقد أكدت دراسة أمريكية حديثة أنّ السيدات المتفائلات اللاتي يشعرن بالثقة بالنفس والرضا عن أنفسهن وحياتهن أكثر احتمالًا لإنجاب أطفال أصحاء وسعداء.

ولقد ذكرت الدراسات أ نّ الطفل وهو في بطن أمه يشعر إذا كان طفلًا مرغوبًا فيه ينتظره الأب والأم بشوق وسعادة أم أنّ الأمر غير ذلك.

والطفل حديث الولادة يحتاج بشدة إلى الحب:
يحتاج الطفل حديث الولادة على دفء الشعور بالحب من أول لحظات حياته، بل أثبتت الدراسات النفسية أن حاجة الطفل حديث الولادة إلى ما تمنحه الأم إياه من مشاعر عبر الضم والالتصاق مثل حاجته إلى الطعام والشراب بل أكثر؛ لأنه يولِّد عنده الشعور بالأمان وراحة النفس، فيكبر إنسانًا سويًا يُحَبّ ويحِب، وينمو ويتطور بشكل طبيعي.
ويقارن علماء النفس بين الأطفال الذين خرجوا للحياة فوجدوا الحب والحنان منذ اللحظة الأولى، وبين أولئك الذين خرجوا للحياة وكان خروجهم غير مرغوب فيه..

إنّ الأوائل يشبون بلا عقد نفسية، ويكونون أكثر تقدمًا في دراستهم، وأكثر سعادة في حياتهم عن الآخرين الذين يحرمون من ضمة الذراعين والصوت الحنون الذي يطمئنهم، وقد يصابون بصدمة لدى خروجهم للحياة..! الأمر الذي جعل "جون بولي" وهو طبيب نفسي إنجليزي يقرر أنّ الرباط بين الطفل والأم إما أن يكون ركيزة الصحة النفسية أو يكون منطلقًا للمرض النفسي.

ولنتعلم كيف كان حب الأبناء في مدرسة النبوة:
فعن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال ـ الأطفال ـ من رسول الله صلى الله عليه وسلم" [رواه مسلم]، وعن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه وكان يقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمنا ويقول: اللهم ارحمهما فإني ارحمهما" [صحيح البخاري]، هذه الأحاديث وغيرها تلفت انتباه المربين إلى الأسلوب الحاني الذي كان يتعامل به نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم مع الصغار، وكيف كان يعبر بالقول والفعل عن حبه الكبير لهم، ولذلك كان الصبيان يقبلون عليه أينما ذهب يدورون حوله، يلاعبونه ويلاعبهم،  ويهتم بشئونهم بل وينظر إليهم مبتسمًا حين يلعبون، لأنه عليه الصلاة والسلام يدرك حاجة الطفل إلى إشعاره بأنه شخص محبوب ومرغوب به عند غيره من الكبار [هداية الله أحمد شاش:موسوعة التربية العملية للطفل].

هل تعلم آثار الحرمان العاطفي؟
لم يعد هناك أدني شك حول العلاقة بين الحرمان العاطفي والانحراف بصوره المختلفة، فقد أثبتت العديد من الدراسات المحلية والاستبيانات على مستوى المدارس الابتدائية والإعدادية أن فقدان الطفل للدفء العاطفي داخل أجواء الأسرة يعد من أقوى الدوافع نحو جنوح الأحداث وانحرافهم، كما أكدت العديد من الدراسات والتي كان من أشهرها دراسة "بولبي"عن العلاقة بين الحرمان من حنان الأم والسرقة، كما أظهرت دراسة أخرى أنّ خطر توجه الأولاد إلى التدخين وتعاطي المخدرات يزيد بنسبة 68% عند وجود علاقات سيئة مع الوالدين خاصة مع الأب.

إذًا يظل هذا الحرمان العاطفي قوة فاعلة في الآلام المعنوية التي يعانيها هؤلاء الأحداث والتي تساهم بقدر كبير في دفعهم للانحراف [عاطف أبو العيد:كيف نربي أبناءنا بالحب؟،ص:23 بتصرف]إلى جانب الكثير من المشاكل الجسدية والنفسية التي يمثل الحرمان العاطفي أحد أسبابها مثل:إصابة الطفل بالتبول اللاإرادي، والخوف والقلق عند النوم، والتلعثم عند الحديث، والعدوانية في علاقاته مع الآخرين.

لذلك لا تهدد بإيقاف الحبِّ..!!
يحلو لكثير من الآباء والأمهات يهدد ولده هكذا: "كن مؤدبًا وإلا لن أحبك بعد اليوم"
أو:"إذا فعلت كذا لن تكون حبيبي".
ولا يتصورون ما تسببه هذه العبارات للطفل من زعزعة أمانه النفسي وسلب الطمأنينة من قلبه، فإن حب والديه له هو أهم ما يملك، وهو سر شعوره بالسعادة والاستقرار النفسي، حتى وإن كان لا يحسن أن يصوغ تلك المشاعر في عبارات منطوقة، وهذا التهديد المتكرر بسلب الحب يزعج الطفل ويثير لديه المخاوف وعدم الاطمئنان !!
 
بل أطلِق شلّالًا من الحبِّ لا يتوقف!!
إنّ الرسالة الأكثر أهمية التي يريد الأب والمربي هنا أن ينقلها إلى الابن هي أنه يحبه حبًا غير مشروط، ذلك الحب الذي يعني:" قبول الابن بمزاياه وعيوبه"؛ وكأن لسان حال الأب يقول: "أخطأتَ..لا بأس ما دمت ستتعلم من أخطائك، لكني سأظل أحبك على الدوام" ومن ثم علينا أن نفصل بين الفعل والفاعل، وكذلك نفصل الأقوال عن الذوات، والتعامل مع الأبناء من هذا المنطلق يجعلنا نحتفظ بهدوئنا ونقوم بالتصحيح والتقويم حال صدور الأخطاء أو التصرفات السيئة منهم.
وهذا الأسلوب مقتبس من نور القرآن الكريم،يقول الله عز وجلّ للنبي عليه السلام في عشيرته: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [الشعراء: 216] ولم يقل إني بريء منكم مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب[د.محمد بدري: اللمسة الإنسانية، ص:127 بتصرف].
والآن كيف نعبر عن الحب لأبنائنا؟
حب الطفل لا يعني تلبية احتياجاته الجسمية والعقلية فقط، وإن كانت متضمنة بالحب بداهة؛ بل تعني إظهار العواطف والمشاعر الدالة عليه بشكل دائم سواء بملامح الوجه وتعبيراته، أو من اللهجة التي يخاطب بها، أو من طرق معاملته باللطف والحلم والتفهم وإشعاره بأنه فعلًا محبوب ومقبول ومراد. 

-أفصح لابنك عن حبِّك له:
إنّ المحبة إحساس وشعور، وحقيقته هذا الإحساس تنبع من القدرة على نقلها لمن نحب، قال عليه السلام: "إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه أحبه" [صححه الألباني في مشكاة المصابيح، (5016)]، فلا يكفي أن يحب الوالد أبناءه، ولكن لابد أن يفصح لهم عن هذه المحبة وينقلها لهم عمليًا من خلال التعبير غير المباشر من خلال المعانقة والمداعبة وإمساك اليد وتربيت الكتف واللمسة الحنونة والابتسامة الهادئة والنظر المباشر ... فمن المهم أن تصل محبة الوالدين للأبناء من خلال القناتين:اللفظية والحركية، ويمكن تأكيد هذه المحبة من خلال عادات يعود عليها الأبناء داخل الأسرة مثل:قبلة الصباح، وقبلة المساء، وعند العودة من المدرسة، والدعاء للأبناء بالتوفيق عند خروجهم من البيت، وهكذا.
-         كن مصغيًا لابنك:
الأطفال يعانون من الإحباط عندما يبدو على الآباء أنهم غير مهتمين بمشاعرهم وأفكارهم، فتتكون لديهم قناعة أن أفكارهم لا تستحق الانتباه وأنهم غير جديرين بالاحترام..! 
فالإصغاء يعد من أهم وسائل التعبير عن المحبة، فهو يوصل للطفل رسالة أنك تبدي اهتمامك به وبكلامه وتعطيه فرصًا للكلام، وتحسن الإصغاء إليه، كما أنّ الإصغاء الجيد يجعل الآباء قادرين على فهم أبنائهم في مراحل عمرهم المقبلة، ولاسيما عندما يصلون إلى مرحلة المراهقة.
فاستمع إليه..عندما يطلب أن يتحدث معك، ولا تكلمه وأنت مشغول في شيء آخر، ولكن أعطه كل تركيزك، وانظر في عينيه وهو يحدثك.
-ثق في ابنك تعبيرًا عن محبته:
كلما زادت ثقة الوالد في ولده وفي قدراته وأخلاقه ومبادئه، كلما استشعر الابن حقيقة محبته له .. وإذا شعر الابن بهذه الثقة عمل جاهدًا على احترامها والظهور بمستواها؛ ومن ثم يتعلم المسئولية والرقابة الذاتية.
بينما نجد عدم إبداء الثقة في الابن يدفعه للاحتيال والخداع، أو التظاهر بسلوكيات ترضي الوالد لكنها لا تنبع من داخل الطفل.
-امنحه من الحب قدرًا أكبر من الهدايا:
حاجة الطفل إلى حنان ومحبة والديه أكثر من حاجته إلى كثرة الهدايا والمشتريات، فالمحبة تزرع الطمأنينة وتوطد العلاقة وتزيل عنه هواجس الشعور بالكراهية وعدم القبول، وتلك المحبة التي تكون أغلى وأهم عند الطفل من الهدايا هي التي تتضمن تخصيص أوقات له، والتحدث معه، ومرافقته في التنزه خارج المنزل، ومشاركته اللعب أحيانًا، واستشارته في بعض قضايا الأسرة مثل: أين نخرج للنزهة غدا ؟ [د.مصطفى أبو سعد: التربية الإيجابية من خلال إشباع الحاجات النفسية للطفل،ص:22 بتصرف].
وأخيرًا ..عزيزي المربي
إنّ حاجة أبنائنا للشعور بأنهم محبوبون حاجة ملحة ودائمة، فاحتضن أولادك وقبلهم وقل لهم أنك تحبهم كل يوم، فمهما كثر ذلك فإنهم يحتاجونه صغارًا كانوا أو بالغين، أو حتى متزوجين ولديك منهم أحفاد.
 

شم النسيم بدعة فرعونية يهودية نصرانية

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
 
فيسعى أعداء الإسلام بكل ما يستطيعون إلى طمس الهوية الإسلامية بطمس معالمها كالعقيدة السلفية والتاريخ الإسلامي واللغة العربية، وإحلال هويات باطلة بدلاً منها، سواء كانت يهودية أو نصرانية، أو قومية أو وطنية، أو غربية أو فرعونية.
وقد أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالمجاهرة بالحق والإعراض عن المشركين في قوله -تعالى-: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر:94)، وزكى الله المؤمنين بإعراضهم عن اللغو والزور في قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان:72).

قال ابن كثير -رحمه الله-:
"وهذه أيضًا من صفات عباد الرحمن، أنهم: (لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)؛ قيل: هو الشرك وعبادة الأصنام. وقيل: الكذب والفسق واللغو والباطل. وقال محمد بن الحنفية: هو اللهو والغناء. وقال أبو العالية وطاوس ومحمد بن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم: هي أعياد المشركين. وقال عمرو بن قيس: هي مجالس السوء والخنا. وقال مالك عن الزهري: شرب الخمر؛ لا يحضرونه ولا يرغبون فيه، كما جاء في الحديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر). وقيل: المراد بقوله -تعالى-: (لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) أي: شهادة الزور، وهي الكذب متعمدًا على غيره، كما ثبت في الصحيحين عن أبي بَكْرَة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا أنبئكم بأكْبر الكبائر) ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: (الشرك بالله، وعقوق الوالدين)، وكان متكئًا فجلس، فقال: (ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور). فما زال يكررها، حتى قلنا: ليته سكت.
والأظهر من السياق أن المراد: لا يشهدون الزور، أي: لا يحضرونه؛ ولهذا قال: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) أي: لا يحضرون الزور، وإذا اتفق مرورهم به مرُّوا، ولم يتدنسوا منه بشيء؛ ولهذا قال: (مَرُّوا كِرَامًا). (تفسير ابن كثير: 6/130).

وكلام ابن كثير -رحمه الله- واضح في أن الآية تعم كل مجالس الشرك والفسق والبدعة، إذ لا تنافي بين هذه الأقوال.
وهذه التزكية من الله -تعالى- كافية في تذكير المسلم بتميز هويته عن هوية غيره من أهل الملل الباطلة، ولكن وجد من أبناء المسلمين من نسي تفضيل الله -تعالى- له؛ فاستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأخذ بعض ما عند اليهود والنصارى مما يعتبرونه من شعائرهم ومقدساتهم، وقد صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: (تَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاَتَّبَعْتُمُوهُمْ). قالوا: يا رسول الله؛ اليهود والنصارى؟ قال: (فَمَنْ؟) (متفق عليه).
يقول المستشرق شاتليه: "وإذا أردتم أن تغزوا الإسلام وتكسروا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضتْ على كل العقائد السابقة واللاحقة لها، والتي كانتْ السبب الأول والرئيس لعزة المسلمين وشموخهم وسيادتهم وغزوهم للعالم؛ فعليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية، بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وتاريخهم وكتابهم القرآن، وتحويلهم عن كل ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحية، وتوفير عوامل الهدم المعنوي، وحتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء لكفانا ذلك؛ لأن الشجرة يجب أن يتسبب في قطعها أحد أغصانها".
هكذا ينظرون إلينا وهذا ما يريدون منا!!

ومن أعظم ما يستخدمونه لطمس الهوية الإسلامية ما يحاولون نشره بين المسلمين من أعياد مبتدعة، تحت مسمى القومية والوطنية والفرعونية، مثل عيد "شم النسيم" الذي ينتظره المسلمون على أهبة الاستعداد والإعداد؛ ليحتفلوا به كاحتفالهم بعيد الأضحى أو أشد.

أصل عيد شم النسيم:
عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيدًا شعبيًا يحتفل به كثير من أهل مصر من نصارى ومسلمين وغيرهم، ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات، وكانوا يعتقدون -كما ورد في كتابهم المقدس عندهم- أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم.
وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم "عيد شموش" أي بعث الحياة، وحُرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم "شم" وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله.
يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام "2700 ق.م" أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة "أون"، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.

انتقال شم النسيم من الفراعنة إلى اليهود ثم إلى النصارى:
نقل بنو إسرائيل عيد شم النسيم عن الفراعنة لما خرجوا من مصر، وقد اتفق يوم خروجهم مع موعد احتفال الفراعنة بعيدهم.
واحتفل بنو إسرائيل بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح، والفصح كلمة عبرية معناها الخروج، كما اعتبروا ذلك اليوم رأسًا لسنتهم الدينية العبرية؛ تيمناً بنجاتهم وبدء حياتهم الجديدة.
وهكذا انتقل هذا العيد من الفراعنة إلى اليهود، ثم انتقل عيد الفصح من اليهود إلى النصارى وجعلوه موافقاً لما يزعمونه من قيامة المسيح، ولما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء -الفراعنة-، ويقع دائمًا في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة.

علاقة شم النسيم بالعقيدة النصرانية:
تبدأ شعائر النصارى بالصوم الكبير ويستمر أربعين يومًا تبدأ بأربعاء يسمونه أربعاء الرماد؛ حيث يضعون الرماد على جباه الحاضرين ويرددون: "من التراب نبدأ وإليه نعود"، ثم بعد تمام الأربعين خمسون يوماً تنتهي بعيد الخمسين أو العنصرة، ثم أسبوع الآلام، وهـو آخر أسبوع في فترة الصوم، ويشير إلى الأحداث التي قادت إلى صلب المسيح -عليه السلام- وقيامته -كما يزعمون-.
يبدأ أسبوع الآلام بأحد السعف؛ وهو يوم الأحد الذي يسبق أحد الفصح، وهو إحياء ذكرى دخول المسيح بيت المقدس ظافرًا، ويسمى أيضًا "أحد الشعانين" و"أحد السعانين" و"أحد الأغصان"، يتلوه خميس العهد أو الصعود، ويشير إلى العشاء الأخير للمسيح واعتقاله وسجنه، ثم الجمعة الحزينة؛ وهي السابقة لعيد الفصح، وتشير إلى موت المسيح على الصليب -حسب زعمهم-، ثم سبت النور؛ وهو يوم الانتظار وترقب قيام المسيح أحد عيد الفصح، والذي يتبعه مباشرة الاحتفال بشم النسيم يوم الاثنين بعده.
وكما ترى فعيد شم النسيم لا يكون إلا يوم الاثنين بسبب ارتباطه الوثيق بالشعائر النصرانية الوثنية، التي يزعمون فيها صلب المسيح الذي يعتقدون أنه ابن الله ثم قيامته يوم الأحد الذي يسبق شم النسيم.
قال -تعالى-: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً . لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً . تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً . أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً . وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً . إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً . وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) (مريم:88-95).

حكم الاحتفال بعيد شم النسيم:
1- شم النسيم عيد فرعوني، ثم يهودي، ثم نصراني؛ فكيف يسوغ لمسلم أن يتشبه بكل هؤلاء مع علمه بنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التشبه بغير المسلمين بقوله: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله -تعالى-: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)". "اقتضاء الصراط المستقيم 1/314".
وقد كان من صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- مخالفة أهل الكتاب، كما جاء في صحيح مسلم من أن اليهود قالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيه.
قال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-: "من بنى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم مهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة". "السنن الكبرى للبيهقي 9/234".
2- يحتفل النصارى بهذا العيد بعد احتفالهم بميلاد الرب -الذي يزعمون أنه المسيح عليه السلام- ثم موت الرب على الصليب، ثم دفن الرب في القبر، ثم قيامة الرب بعد ثلاثة أيام، فإذا كانت هذه الشعائر والمعتقدات لا يجوز لمسلم أن يشارك النصارى فيها؛ فكيف يجوز له أن يشاركهم فيما بني عليها؟
قال الذهبي -رحمه الله-: "فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به؛ فلا يشاركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم". "تشبه الخسيس بأهل الخميس، مجلة الحكمة عدد4 ص193".
3- نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذبح لله في مكان يعبد فيه غير الله، فعن ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- قال: نذر رجل على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟) قالوا: لا. قال: (هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟) قالوا: لا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَوْفِ بِنَذْرِكَ فَإِنَّهُ لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
فعد النبي -صلى الله عليه وسلم- الذبح لله في مكان يعبد فيه غير الله معصية، ولم يلتفت إلى نية الرجل؛ فما بالك بمشاركة من يعبدون غير الله في احتفالاتهم بأعيادهم، سواء كانت فرعونية أو يهودية أو نصرانية؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال، ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك؛ إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه... وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذورًا فكيف نفس عيدهم؟!". "اقتضاء الصراط المستقيم 1/443".
وقال ابن التركماني الحنفي -رحمه الله-: "فيأثم المسلم بمجالسته لهم، وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم". "اللمع في الحوادث والبدع 2/519".
4- لا يجوز تخصيص يوم من أيام السنة لإقامة عيد مبتدع فيه، فالأعياد في الإسلام من العبادات التي لا تشرع إلا بدليل، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: (مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم؛ لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نار ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة، وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام". "مجموع الفتاوى 25/329".
وقال -رحمه الله-: "وكما لا نتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم في ذلك؛ بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تـُجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته، خصوصًا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر". "اقتضاء الصراط المستقيم 2/519".
6- قال ابن القيم -رحمه الله-: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل. فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". "أحكام أهل الذمة 1/441".
7- قال الشيخ علي محفوظ -رحمه الله-: "وناهيك ما يكون من الناس من البدع والمنكرات والخروج عن حدود الدين والأدب في يوم شم النسيم، وما أدراك ما شم النسيم؟ هو عادة ابتدعها أهل الأوثان لتقديس بعض الأيام تفاؤلاً به أو تزلفاً لما كانوا يعبدون من دون الله، فعمرت آلافاً من السنين حتى عمت المشرقين، واشترك فيها العظيم والحقير، والصغير والكبير.." إلى أن قال: "فهل هذا اليوم -يوم شم النسيم- في مجتمعاتنا الشرعية التي تعود علينا بالخير والرحمة؟ كلا، وحسبك أن تنظر في الأمصار بل القرى، فترى في ذلك اليوم ما يُزري بالفضيلة، ويخجل معه وجه الحياء من منكرات تخالف الدين، وسوءات تجرح الذوق السليم، وينقبض لها صدر الإنسانية".
ثم قال: "فعلى من يريد السلامة في دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشؤوم، ويمنع عياله وأهله وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم، والفاسقين الفاجرين في أماكنهم، ويظفر بإحسان الله ورحمته". "الإبداع في مضار الابتداع 276-277".
8- قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "تهنئة الكفار بعيد "الكريسميس" أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيّم -رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة"، حيث قال: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات، وهو بمنزلة أن يُهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشدّ مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه. انتهى كلامه -رحمه الله-.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورِضىً به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره؛ لأن الله -تعالى- لا يرضى بذلك، كما قال -تعالى-: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) (الزمر:7)، وقال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) (المائدة:3).

وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا، وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله -تعالى-؛ لأنها إما أعياد مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة لكن نـُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمداً -صلى الله عليه وسلم- إلى جميع الخلق، وقال فيه: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).

وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها.

وكذلك يَحرم على المسلمين التّشبّه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا، أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تشبّه بقوم فهو منهم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم": مُشابهتهم في بعض أعيادهم تـُوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء. انتهى كلامه -رحمه الله-.
ومَنْ فَعَل شيئا من ذلك فهو آثم، سواء فَعَلَه مُجاملة أو تَودّداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المُداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بِدينهم.
والله المسؤول أن يُعزّ المسلمين بِدِينهم، ويرزقهم الثبات عليه، وينصرهم على أعدائهم. إنه قويٌّ عزيز". "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 3/44-46".
وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، والحمد لله رب العالمين.

مراجع للبحث:
اقتضاء الصراط المستقيم، لشيخ الإسلام ابن تيمية.
أحكام أهل الذمة، للإمام ابن القيم.
أعياد الكفار وموقف المسلم منها، لإبراهيم بن محمد الحقيل.
 
المصدر: موقع صوت السلف
 
 


أهؤلاء النساء إماء ... ؟؟

 

نظرة مؤلمة:
أتعجب كثيراً وأقف في حيرة الحليم ... ، حينما أرى هذه الصورة المؤرقة المحزنة ، التي تترى على أبصارنا كثيراً كثيراً ، وتملأ القلوب بعاصفة مزلزلة من الفتن والشهوات واللذات المحرمة ، إنها الصور المتبرجة والعارية الفاضحة على صفحات العالم من المجلات والدوريات والجرائد وصفحات الشبكة العنكبوتية، فضلاً عن الشوارع والسينما والشاشات والفضائيات وكذلك الإعلانات المخزية للسلع والمنتجات وغالب المطعومات والمشروبات.
 
ويزداد الألم والكمد حينما نعلم أنها صورة من صور قومٍ تسموا بأسمائنا، وسكنوا بيننا ، وكثير منهم أقارب لنا ، فهم أمهات وأخوات ، وخالات وعمات ، وزوجات وبنات ، ومحارم وأصهار، وجيران ومعارف.


كانت المرأة في الجاهلية الأولى من سقط المتاع ، ... لا كرامة لها توزن بها إنسانيتها ، ... لا وزن ولا اعتبار لأنها شيء قليل حقير ، ... لا مكانة لأنها ليس كالرجال ، ... لا سلطان لأنها ليست صاحبة القرار ، ... لا ملكية لأنها مملوكة وما ملكت ، ... لا حرية لأنها عبدة مستعبدة ، ... لا اختيار لأنها تحت إمرة سيدها، ... لا تصرف لأنها لا تملك شيئاً ، ... متاع لكل من أراد ، ... شهوة لكل طالب لذة في الحرام أو في الحلال سواء ، ... أمة تباع في أسواق النخاسة والعبيد ، ... ذليلة حسيرة كسيرة ، ... توأد حيةً بالقتل والدفن بين الحفر والرمال ، وبين أحضان العواصف الهائجة في تخوم الجبال ، ... وما كان لها من شأن إلا بقايا من دين إبراهيم عليه السلام أومروأة الرجال ... ، إلى آخر ذلك من الذل والهوان .... ، وهذه هي امرأة الجاهلية الأولى وبنتها..
 
تكريم رباني :
أما الإسلام ... فقد غير مجرى تاريخ المرأة ، وصاغ بناء شخصيتها بناء جديداً فريداً ، حقاً أقول لقد ولدت المرأة في دين الإسلام مولداً جديداً طاهراً ، لقد رفعها الإسلام وصان لها كرامة إنسانيتها ، لأنها مخلوقة كالرجل ومن الرجل وللرجل سواء بسواء كما قال تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " ، وقال تعالى :" وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ " ، وقال تعالى :" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " ، وفك الإسلام قيود الجاهلية من الذل والاستعب اد لها ، وقدم لها الحرية في حدود الشريعة التي رسمها الله تعالى ، وتحفظ لها كرامتها وأنوثتها وإنسانيتها ...
 
لقد صاغ الإسلام سياجاً وقائياً قوياً ، لحماية المرأة من أن ينالها سوء أو مكروه ، أوتقع ثانية في موارد الذل والإهانة والعبودية لغير خالقها تعالى ، فمن ذلك :
 
1- أن كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما ، كرمها باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله تعالى ، وأخبر أن الجنة عند قدميها ، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها ، وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف ، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ، وأكد العناية بها في حال كبرها وضعفها ، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة .
 
ومن ذلك : قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ) الأحقاف/15 ، وقوله : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24 .
 
وروى ابن ماجه (2781) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ : قَالَ : وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ارْجِعْ فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة . وهو عند النسائي (3104) بلفظ : ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) .
 
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ ) . إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام لذكرها .
 
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق عليها إذا احتاجت إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من البيت ، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل وتشرب .
 
2- وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
 
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
 
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
 
3- وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل لتربية البنات أجرا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) .
 
وروى ابن ماجه (3669) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ، وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه . وقوله : (من جِدَته) أي من غناه .
 
4- وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة ، فأمر بصلة الرحم ، وحث على ذلك ، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه (3251) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
 
وروى البخاري (5988) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : قال اللَّهُ تعالى – عن الرحم- : ( مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ) .
 
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة ، فتكون زوجة وبنتا وأما وأختا وعمة وخالة ، فينالها التكريم من هذه الأوجه مجتمعة .
 
وبالجملة ؛ فالإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية له في جزاء الآخرة ، ولها حق التعبير ، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله ، ولها حق التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير رضاها ، ولها حق الحياة الكريمة ، لا يُعتدى عليها ، ولا تُظلم . ولها حق التعليم ، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها . ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما قلناه ، بل نجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما أعظم مما كرمت به في الإسلام .
 
ولا داعي لأن نذكر حال المرأة في مجتمع الإغريق أو الفرس أو اليهود ، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة ، فقد اجتمع اللاهوتيون في "مجمع ماكون" ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم جسد ذو روح ؟! وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك إلا مريم عليها السلام . وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن المرأة : هل لها روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟ وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب . وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ "العهد الجديد" لأنها تعتبر نجسة . والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات .
 
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش ، وإذا ما رغبت في البقاء في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها ! ينظر : "عودة الحجاب" (2/47- 56) .
 
فكيف يقارن هذا بالإسلام الذي أمر ببرها والإحسان إليها وإكرامها ، والإنفاق عليها ؟!
 
(الإسلام سؤال وجواب).
 
5- ومن ذلك أيضاً : أن الإسلام صاغ لها قواعد جليلة كبرى حفاظاً عليها من عبث العابثين ، وشهوات المغرضين والغاوين فمما شرع الإسلام :
 
أولاً: أمر المرأة المسلمة بالقرار في بيتها .
 
ثانياً: منع الاختلاط عند الخروج .
 
ثالثاً: منع الدخول عليهن والاختلاء بهن .
 
رابعاً : حرم سفرها من غير محرم .
 
خامساً : أمرها بلبس الحجاب والاحتشام عند الخروج من بيتها وقرارها للحاجة والضرورة والعلم والبيع والشراء ، وحرم عليها التبرج والعري والسفور ، وإظهار الزينة والمفاتن .
 
سادساً : أمرهن بغض البصر عن الرجال إلا من ضرورة شرعية ، وكذلك أمر الرجال بالعفة وغض البصر عن المحرم من النظر إلى النساء . إلى غير ذلك من قواعد صيانتها والمحافظة عليها من لوث الجاهليات البشرية، والشهوات المحرمة الجامحة في النفوس الدنيئة الضعيفة.
 
• نداء الفطرة :
واليوم وبعد طول زمان ، عبث العابثون ، وطمع الطامعون ، خلف هذه الجوهرة المصونة ، واللؤلوة المكنونة بنت الإسلام ، فأخرجوها من قعر بيتها ، ومكان تشريفها ، ولباس حيائها وعفتها وطهرها ، وابتكروا لها وسائل متنوعة من العبث واللهو بها ، وجعلها دمية بأيديهم ، ومحلاً لشهواتهم الرخيصة ، وخدعوها وقالوا حرروها ، وأعروها وجردوها من لباسها وجوهرها ، وقالوا قدموها وطوروها ، وجعلوها محلاً نجساً لأغراض فروجهم وفواحشهم ، وقالوا وردة زاهية نستنشق عبيرها ، لقد صيروها لاعبة للكرة تتعرى في النوادى من أجلها ، وصيروها ممثلة وفنانة زعموا ليتمتعوا بها من خلف الكواليس الشيطانية ، وليغروا بها السفهاء والإماء والجاهلين، وصيروها قائداً للسيارات توصلهم إلى أغراضهم الدنيئة كثيراً ، وصيروها رئيسة للوزراء ، وقاضية للمحاكم ، ومديرة للنوادي ، وخادمة للركاب في الطائرات والاستراحات ، وتقديم المنافع وربما الفواحش والزنا في الفنادق والبارات ... ، وجعلوها عارضة للأزياء العالمية والموضات ، وجعلوها تاجرة مروجة للسلع والمأكولات وأطباق الحلويات ... ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى ...
 
وليت شعري ... ماذا قدمت المدنية العصرية الحديثة للمرأة من جديد .. في عالم التقدم والحرية... كل ذلك فضلاً عن أنها صورها وجمالها الذي يلفت انتباه الناظرين ... والآن صارت صورة المرأة فضلاً عن جسدها تعرض بأرخص الأثمان ، تعرض على صفحات الشبكة العنكبوتية بلا خجل أو وجل ، ... وسؤال راودني كثيراً ... أين آبائهم وأمهاتهم ....؟؟ وأين إخوانهم وأقربائهم ...؟؟ وأين ... وأين ... وأين ...
 
ذكرتني هذه الصور المؤلمة من التردي والتلهي بالمرأة المسلمة ، بما كانت عليه أيام الجاهلية ، فالإسلام أمر المرأة بالستر والحجاب عن الرجال ، فكيف بالعالم ، لقد أمرت المرأة بالحجاب وتميزت الحرة به دون الإماء من العبيد والخدم وغيرهن ، حتى قالت هند رضي الله عنها وهي تبايع النبي صلى الله عليه وسلم على ترك الزني والفواحش : أو تزني الحرة يا رسول الله ..؟؟؟
 
نعم أو تنشر الحرة اليوم صورها ولباسها وتعريها على صفحات الجرائد والمجلات والجرائد ...؟؟
 
أو تنشر الحرة زينتها وجمالها ليراها كل العالمين من الصالحين والطامعين والمغرضين ..؟؟
 
أو تصنع المرأة اليوم مدونة أو موقعاً لها أو منتدىً تنشر فيه ما لديها من حيائها وعفتها وكرامتها..؟؟؟
 
إن كل ذلك ... من صفات الإماء والعبيد وليس من صفات الحرائر والعفائف والطاهرات ...
 
حقاً : لقد تحولت المرأة اليوم من جديد ببعدها عن معينها ومنبع عزها إلى أمة تباع على كل الوجوه ، وتعرض في كل الأماكن وبأرخص الأثمان ..
 
فمتى ترجع المرأة المسلمة الحرة العفيفة إلى النور ..؟ ، ومتى تتلمح البصيرة والهداية ...؟ ، ومتى تعلن التوبة والرجعة...؟ ، ومتى تسلك طريق الصالحات القانتات خلف النساء الحرائر...؟ ، ومتى تفقه فقه عائشة أم المؤمنين ، وحياء فاطمة الزهراء البتول ...؟ ، وطهارة مريم بنت عمران ، وعزة آسية بنت مزاحم ، ونفاسة نفيسة البيت والعلم ...؟؟
 
ومتى يصحو قلبها وإيمانها ليقول لها : : أو تزني الحرة يا رسول الله ..؟؟؟
 
نعم أو تنشر الحرة اليوم صورها ولباسها وتعريها على صفحات الجرائد والمجلات والجرائد ، في خزي فاضح ، وعيب لائح ...؟؟ عصمنا الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ...
 


الاختلاط بين الجنسين وظاهرتي السعار والشذوذ

 


إذا قال بعضهم إن وضع إناء البنزين مفتح الجنبات مشقق الغطاء بقرب النار ليس سبباً طبيعياً للاشتعال، لاتهم الناس عقله أو رموه بالجهل الفاضح والمكابرة والإنكار لبعض مقتضيات الطبيعة، ومع ذلك يصر بعض منتسبي الثقافة والعقل! على أن خلط النساء بالرجال لا يقتضي إشاعة الفاحشة ولا استعار الشهوات! مع أن الميل بين الجنسين طبيعة أودعها الله سائر الثقلين وأنواع الحيوانات، وجعلها من القوة بمكان يناط به بقاء الأجناس الحيوانية والبشرية على ظهر البسيطة.

إن إنكار أثر الخلطة على تأجيج الشهوات جهل ومكابرة وجحد لطبائع النفوس! تدعو المنصفين لازدراء قول ذلك الجاحد المكابر للمعلوم بالحس!
لكن أقبح من هؤلاء الجهلة جهلة آخرون يزعمون أن الفصل بين الجنسين سبب لتأجيج الشهوات، والانحراف نحو الشذوذ، وربما تجرأ بعضهم فرما من استجاب لنداء الفطرة والعقل وطالب بالفصل بين الجنسين بسوء النية والقصد، وفساد الخواطر والقلب، وكل ذلك ضرب من الإرهاب الفكري المقيت، يُحصر فيه الناس بين خيارين؛ إما الاختلاط ولقائل أن يقول: الزنا، وإما الشذوذ، سبحان الله! ألا يرى هؤلاء إلاّ الجنسَ المحرم، مَثَلُهم كمثل من يقول: إما أن يأكل الناس مما لم يذكر اسم الله عليه، أو يأكلون لحم الخنزير. عجباً! وأين ذهب الحلال الطيب؟
 
ولك أن تعجب أيضاً من ذلك الشرف، وتلك العفة، التي يزعم امتلاكها من يبيح الاختلاط، ويتهم من ينادي بالفصل بسوء القصد! وأتساءل هل حقاً بلغت السذاجة بأناس مبلغاً يدفعهم لتصديق هذا الدّعي؟!
 
ثم هل يعلم القائلون بهذه الدعوى السمجة أن بالولايات المتحدة وحدها نحواً من خمسين مليون شاذ[1]!
 
وهل يعلم هؤلاء الأدعياء مَن الذين يحمون شذاذ الآفاق، مِنْ الذين انتكست فطرهم في الدول العربية والمسلمة؟ هل رأيتم شعباً مسلماً خرج في مظاهرة لحماية حقوق منتكسي الفطر والميول من أهل الشذوذ؟ اللهم لا؛ ولكنّا رأينا احتجاجات بمباني الأمم المتحدة في جنيف، وخارج المكتب الثقافي التابع للسفارة المصرية بواشنطن. وسمعنا بانتقدات جماعات حقوق الإنسان الدولية، لحادث قبض على بعض الشذاذ في أرض الكنانة أسفر عن إدانتهم ومحاكمتهم[2]!
 
حتى قال محرر الأهرام العربي: "بعد أن رفع الشواذ الأمريكيون شعار الحرية الشخصية الذي تبناه خمسة وثلاثون‏ من أعضاء الكونجرس في رسالة مسمومة إلى الرئيس مبارك يلوحون فيها بورقة المعونة الأمريكية للضغط على مصر بهدف إلغاء محاكمة المتهمين الـ‏52‏ في قضية الشذوذ ومنح الحرية الكاملة لأي شاذ يمارس الجنس مع أشخاص بالغين من الجنس نفسه‏.‏
 
ولأن الحملة الأمريكية يقودها شاذ أمريكي يدعي "باري فرانك" عضو الكونجرس عن ولاية "ماستشوستس" ومعه "توم لانتس" المعروف بالمشاركة الدائمة والمنتظمة في أي حملة ضد مصر فقد جاء الرد سريعاً وفي نفس الاتجاه من أوروبا‏..‏ وبالتحديد من أمام السفارة المصرية في جنيف حيث وقف عشرات الشواذ يتظاهرون منددين بانتهاك الحكومة المصرية لحقوق الشواذ وحرمانهم من ممارستهم لحريتهم‏!!‏ والمفارقة أن المظاهرة جاءت ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للشواذ والسحاقيات الذي أقيم الأسبوع الماضي في العاصمة السويسرية‏.‏
 
ولم تسلم جمعيات حقوق الإنسان في مصر من الحرب الشرسة‏،‏ إذ نالت مئات الهجمات العنيفة على مواقعها عبر الإنترنت بالإضافة إلي تهديدها بوقف التمويل مالم تنتفض لنجدة ونصرة الشواذ في مصر وتهيئ لهم أجواء الفجور والفسوق‏!!"[3]‏.
 
"لقد أضاف الدستور البريطاني مادة جديدة تتيح للموظف المسئول، حرية الإعلان عن ميوله الجنسية‏،‏ فكانت النتيجة أن أعلن أربعة وزراء عن ميولهم الشاذة، وسكت آخرون، فصادف أن وقف (توني بلير) -رئيس الوزراء البريطاني السابق- في أحد المؤتمرات الصحفية بعد إعلان أحد الوزراء عن ميوله الجنسية الشاذة‏،‏ فلم يجد سوى أن يقول:  تلك ميول شخصية لا تؤثر على كفاءته في العمل كوزير!
 
وعندما حاولت ملكة هولندا في السنوات الأخيرة الالتزام ببروتوكول القصر الملكي، فحرمت حوالي‏ أربعة عشر‏ سفيراً ودبلوماسياً هولندياً شاذاً -أعلنوا عن ميولهم في الملأ- من حضور حفلات ملكية، وجدت المتحدث الرسمي الأول لمجلس الدولة –الشاذ- يعرب عن اعتراضه على هذا الحرمان، وامتنع عن حضور المؤتمرات، التي تعقد في القصر لأنه لا يستطيع أن يصطحب صديقه!
 
ولست أدري أين وصلت فرنسا في قانون (باكس) للتضامن الاجتماعي، وأهم البنود المطروحة في مشروع القانون مسألة السماح لأي زيجة بين الشواذ تمنحهم الحقوق المدنية المكفولة للأزواج الطبيعيين مثل حقوق الميراث، والاحتفاظ بالممتلكات بعد وفاة أحد الطرفين‏.‏ وهناك مشروع مماثل جار بحثه في بلجيكا بعد ضغوط من بعض المنظمات الدولية الكبرى التي ترعى هؤلاء الشواذ[4].‏
وقبل أمد ليس بالبعيد وقف أمام الملأ نائب الرئيس الأمريكي السابق "ديك تشيني" ليدافع في مقابلة تلفزيونة أجرتها معه " إم إس إن بي سي" عن حقوق ابنته الشاذة في حماية حياتها الخاصة، معرباً عن حبه الشديد لها، وقد كان ناشطون شذاذ دعوا ابنته "ماري" للتنديد بمقترح الرئيس جورج بوش من أجل تعديل الدستور لحظر الزواج من نفس الجنس[5]!
 
وفي تقرير للسي إن إن جاء ما نصه: "...في الدنمارك على سبيل المثال، فإن قوانين الزيجات المدنية لكلا الجنسين موجودة منذ عام 1989، فيما تبعت دول أخرى من الدول الاسكندينافية هذه التشريعات في التسعينات.
 
وكان الهولنديون أول الشعوب التي ألغت الحواجز بين الزيجات التي تربط بين رجل وامرأة والمثليين، وتبعتها لاحقاً بلجيكا.
 
وفي أمريكا الشمالية كانت كندا سباقة في مضمار العفن والرذيلة هذا عندما أعلنت في يونيو/حزيران عن خطط تتعلق بتشريع زواج المثليين، حيث شهدت لاحقاً مدينة أوتاوا قدوم العديد من المثليين إليها لعقد زواجهم.
 
كذلك فإن اللواط أو اشتهاء المماثل في دول إفريقية عدة يعتبر أمراً مخالفا للقوانين، فيما زواج المثليين يعتبر مسألة بعيدة كل البعد عن التفكير بها، لكن في جنوب إفريقيا بدأت جماعات المثليين بالمطالبة بهذه الحقوق مؤخراً.
أما في اليابان فإنه لم يعد ينظر إلى اللواط أو السحاق كمرض نفسي، إلا أن العديد من المثليين لا يزالون يعيشون تحت ضغوط اجتماعية، مع أن اليابان تعتبر أقل اكتراثاً بخطر هذه المسالك من معظم الدول الآسيوية.
 
أما الدول الكاثوليكية مثل إسبانيا وإيطاليا فإنها ترفض الاعتراف بحقوق المثليين، وذلك بعد الموقف الرافض من الفاتيكان لهذا الرباط، غير أن هناك استثناءات مهمة.
ففي البرتغال وإقليم الباسك في إسبانيا، فإن الأزواج المثليين الذين يقيمون مع بعضهما البعض منذ أمد ليس بالقصير يحصلون من المعونات الاجتماعية مثل ما يحصل عليها الأزواج العاديون، وفي العاصمة الأرجنتينية بوينس أيريس فإن الأزواج المثليين يمكنهم التسجيل لعقد رباط مدني.
 
أما فرنسا وألمانيا فلديهما قوانين تشرع الرباط المدني، فيما بريطانيا بدأت الاستعدادات لتبني مثل هذه التشريعات"[6].
وهكذا يستشري الشذوذ في تلك المجتمعات التي لاترعى للاختلاط حرمة، ويتقدم ليقتحم الكنائس والبيع، وقد أثارت الصحف الأمريكية قبل حوالي ستة أشهر، نبأ انتخاب "جين روبنسون" أول أسقف شاذ للكنيسة الأسقفية البروتستانتية، التي تضم حوالي 3.2 مليون نصراني، ينتمون إلى الكنيسة الانجليكانية، يباركهم جميعاً هذا القس الشاذ[7]!
"ولن تعجب كثيراً إذا علمت أن اليهود كان لهم السبق في دعم مثل هذه التوجهات الشاذة في خطوة غير مسبوقة عندما صوت الحاخامات المنتمون لأكبر تجمع يهودي في الولايات المتحدة لصالح الاعتراف بزواج الشواذ وذلك في المؤتمر المركزي للحاخامات الأمريكيين التابع لحركة الإصلاح اليهودية حيث صرح رئيس المؤتمر[تشارلز كرولوف]:'إن من حق الشواذ الاعتراف بزواجهم واحترامهم'،ومنذ عام 1995، والحركة توافق على تعيين حاخامات مثليين"[8].
 
وعلى صعيد آخر ضرب آخر من الشذوذ تراه يستشري في تلك المجتمعات ألا وهو اقتراف الفاحشة مع المحارم وقد قال بعض باحثي تلك الأمم منذ قرابة الثلاثة عقود: "إن هذا الأمر لم يعد نادر الحدوث، وإنما هو لدرجة يصعب تصديقها، فهناك عائلة من كل عشر عائلات يمارس فيها هذا الشذوذ"[9].
 
"فهذه هي الجاهلية الحديثة في أوروبا وفي أمريكا ينتشر فيها هذا الانحراف الجنسي الشاذ انتشاراً ذريعاً. بغير ما مسوغ إلا الانحراف عن الاعتقاد الصحيح، وعن منهج الحياة الذي يقوم عليه.
وقد كانت هناك دعوى عريضة من الأجهزة التي يوجهها اليهود في الأرض لتدمير الحياة الإنسانية لغير اليهود، بإشاعة الانحلال العقيدي والأخلاقي.. كانت هناك دعوى عريضة من هذه الأجهزة الموجهة بأن احتجاب المرأة هو الذي ينشر هذه الفاحشة الشاذة في المجتمعات! ولكن شهادة الواقع تخرق العيون. ففي أوروبا وأمريكا لم يبق ضابط واحد للاختلاط الجنسي الكامل بين كل ذكر وكل أنثى -كما في عالم البهائم! وهذه الفاحشة الشاذة يرتفع معدلها بارتفاع الاختلاط ولا ينقص! ولا يقتصر على الشذوذ بين الرجال؛ بل يتعداه إلى الشذوذ بين النساء. . ومن لا تخرق عينيه هذه الشهادة فليقرأ: (السلوك الجنسي عند الرجال) و (السلوك الجنسي عند النساء) في تقرير (كنزي) الأمريكي. . ولكن هذه الأجهزة الموجهة ما تزال تردد هذه الأكذوبة، وتسندها إلى حجاب المرأة. لتؤدي ما تريده بروتوكولات صهيون، ووصايا مؤتمرات المبشرين!"[10].
 
إن من أعظم أسباب الشذوذ اضطراب الأسرة، وانشغالها عن رعاية بنيها، ولهذا كان من البدهي استشراء الشذوذ في الغرب الذي بات مصير الأسرة فيه مهدداً بالانقراض إثر الانحلال المتفشي. فعندما تهمل الأسرة أبناءها‏، تكون النتيجة المرتقبة انحرافهم بأشكال مختلفة، قد يمثل الشذوذ أحدها‏، خاصة عندما ينشأ الأولاد في أسر استرجلت فيها النساء، أو في مجتمع سُلب ذكوره الرجولة.
 
يقول صاحب الظلال: "إحدى وسائل الإسلام إلى إنشاء مجتمع نظيف هي الحيلولة دون هذه الاستثارة، وإبقاء الدافع الفطري العميق بين الجنسين سليماً وبقوته الطبيعية، دون استثارة مصطنعة، وتصريفه في موضعه المأمون النظيف. لقد شاع في وقت من الأوقات أن النظرة المباحة، والحديث الطليق، والاختلاط الميسور، والدعابة المرحة بين الجنسين، والاطلاع على مواضع الفتنة المخبوءة.. شاع أن كل هذا تنفيس وترويح، وإطلاق للرغبات الحبيسة، ووقاية من الكبت، ومن العقد النفسية، وتخفيف من حدة الضغط الجنسي، وما وراءه من اندفاع غير مأمون... الخ.
 
شاع هذا على إثر انتشار بعض النظريات المادية القائمة على تجريد الإنسان من خصائصه التي تفرقه من الحيوان، والرجوع به إلى القاعدة الحيوانية الغارقة في الطين! -وبخاصة نظرية فرويد- ولكن هذا لم يكن سوى فروض نظرية، رأيت بعيني في أشد البلاد إباحية وتفلتاً من جميع القيود الاجتماعية والأخلاقية والدينية والإنسانية، ما يكذبها وينقضها من الأساس.
 
نعم.. شاهدت في البلاد التي ليس فيها قيد واحد على الكشف الجسدي، والاختلاط الجنسي، بكل صوره وأشكاله، أن هذا كله لم ينته بتهذيب الدوافع الجنسية وترويضها. إنما انتهى إلى سعار مجنون لا يرتوي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمأ والاندفاع! وشاهدت الأمراض النفسية والعقد التي كان مفهوما أنها لا تنشأ إلا من الحرمان، وإلا من التلهف على الجنس الآخر المحجوب، شاهدتها بوفرة ومعها الشذوذ الجنسي بكل أنواعه. ثمرة مباشرة للاختلاط الكامل الذي لا يقيده قيد ولا يقف عند حد؛ وللصداقات بين الجنسين تلك التي يباح معها كل شيء! وللأجسام العارية في الطريق، وللحركات المثيرة والنظرات الجاهرة، واللفتات الموقظة. وليس هنا مجال التفصيل وعرض الحوادث والشواهد. مما يدل بوضوح على ضرورة إعادة النظر في تلك النظريات التي كذبها الواقع المشهود .
 
إن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين الحيوي؛ لأن الله قد ناط به امتداد الحياة على هذه الأرض؛ وتحقيق الخلافة لهذا الإنسان فيها، فهو ميل دائم يسكن فترة ثم يعود، وإثارته في كل حين تزيد من عرامته؛ وتدفع به إلى الإفضاء المادي للحصول على الراحة، فإذا لم يتم هذا تعبت الأعصاب المستثارة"[11].
 
وبعد ذلك كله فإننا لاننكر أن يكون الشذوذ ظاهرة ربما عرضت لنفر منبوذ -لا يراعي للاختلاط حرمة- في مجتمع عربي! أما دعاة الفصل والنأي عن أسباب الفتنة فهم أبعد الناس عنه وأسلمهم منه، لكن ما نستهجنه محاولات تسويغ الدعوة إلى الاختلاط بدعاوى سمجة، بالإضافة إلى  تحليل أسباب ظاهرة الشذوذ في المجتمعات العربية تحليلاً سطحياً ساذجاً، يضحك به على البسطاء، ثم اقتراح عقار آخر يضاعف الداء،  بهدمهم لتدابير الإسلام الإيجابية كحضه على الزواج، وترخيصه –كالأديان قبله- في الإماء، وأمره بالصيام، وهتكهم لتدابير الإسلام الوقائية، كالسُتُر الحائلة دون اختلاط الرجال بالنساء.
 
وأخيراً إذا كان إنكار نحو دوران الأرض حول الشمس مثلاً يعد عند بعض المثقفين جهلاً يستدعي منهم نوع ازدراء لقائله باسم العلم والعقل مع أن كثيراً منهم لايملك التدليل عليه لجهله! فإن إنكار بعض المثقفين لأثر الاختلاط بين الجنسين على تأجيج الشهوات والإصابة بداء السعار الجنسي أمر يدعو للاشمئزاز من تلك العقول، المنكرة للفطرة والشعور الإنساني والواقع المشاهد!
 
 
------------------------------------
[1]  مأخوذ عن مقال لمروي مشالي، في الأهرام العربي وقد يُظن أن هذه النسبة مبالغ فيها، ولكن الدراسات تفيد أن نسبة 10% من مجموع السكان شذاذ [عن مركز أبحاث الحرم الجامعي للشذوذ بجامعة يوتا بولاية سالت لاك الأمريكية]، بالإضافة إلى 8% عندهم شذوذ "مزدوجي الجنس"، وهذه النسبة تعادل (18%) من مجموع السكان، ووفقاً لتعداد عام 2003م، فإن عدد هؤلاء يصل إلى ما يربو على الثنتين وخمسين مليونا. ومع ذلك فهؤلاء قلة إذا ما قورنوا بإحصاءات أخرى أشارت إلى عدد الذين مروا بتجارب مقيتة حيناً من الدهر.
[2] وقد نشرت قناة الجزيرة الإخبارية الخبر  بتاريخ 29/8/2001، محاكمة 52 بتهمة الشذوذ، وخصصت الأهرام العربي "حياة الناس" لهذا الحدث، في عددها 231، السبت 25/8/2001.
[3] الأهرام العربي "حياة الناس"، في عددها 231، السبت 25/8/2001.
[4]  الحوادث والأرقام السابقة مستقاة من مقال بعنوان: ثقافة الشذوذ أحدث منتج أمريكي، لمروي مشالي، نشر في حياة الناس من الأهرام العربي يوم السبت 6 جمادى الآخرة، 1422 الموافق 25 أغسطس 2001العدد رقم 231.
[5] نقلاً عن جريدة المحايد في عددها رقم 81 بتاريخ 18/1/1425، الموافق 9/3/2004م.
[6] عن موقع السي إن إن العربي
[7]  عن موقع السي إن إن العربي
[8] عن تقرير لمفكرة الإسلام بعنوان: حرية التردي وتقنين الفاحشة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان على الرابط التالي:
http://www.islammemo.cc/taqrer/one_news13.asp?IDnews .
[9] ينظر إلى كل أب غيور، للشيخ عبدالله علوان، ص39
[10] في ظلال القرآن، تفسير سورة الأعراف، الدرس الرابع الآيات 80-84 لقطات من قصة لوط .
[11] السابق، سورة النور: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .. )الآيات.
 

Aujourd'hui sont déjà 1 visiteurs (26 hits) Ici!
 
welcome to web fadwa
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement